اختتام الجولة الجهوية لمشروع الشركات الناشئة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة المبتكرة: تقييم مفصل للنظام البيئي التونسي لريادة الأعمال.

شهد يوم الثلاثاء 25 فيفري 2025 اختتام الجولة الجهويةلمشروع الشركات الناشئة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة المبتكرة، بعد المرور بمرحلة هامة وثرية من الاجتماعات وتبادل الخبرات والمهارات واستخلاص الدروس القيمة في العديد من المناطق في تونس.
وقد جمع هذا الحدث الهام عددا كبيرا من رواد الأعمال والمستثمرين والخبراء وممثلي المؤسسات وصناع القرار إضافة الى ممثلين عن وسائل الإعلام، بهدف واضح وهو وضع تقييم معمق للمشروع وفتح آفاق جديدة لتطوير وازدهار النظام البيئي التونسي لريادة الأعمال.
وخلال الجلسة الافتتاحية سلطت السيدة ناجية غربي، المديرة العامة لصندوق الودائع والأمانات الضوء على التحديات الرئيسية التي تواجهها الشركات الناشئة التونسية، ولا سيما الوصول إلى التمويل خلال المراحل الحساسة من تطورها. كما شددت على أهمية تعزيز وتحسين الآليات المالية القائمة لدعم هذه الشركات بشكل أفضل.
ومن هذا المنطلق، أكدت غربي على أهمية مشروع الشركات الناشئة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة المبتكرة الممول من البنك الدولي، حيث يهدف إلى توفير تمويلات لـ230 مؤسسة ناشئة على الأقل و 50 شركة صغرى ومتوسطة بشكل مباشر. وأكدت أنه من المنتظر أن يُعمِّم صندوق الودائع والأمانات جولاته في مختلف ولايات الجمهورية من أجل زيادة دعم النظام البيئي التونسي لريادة الأعمال.
و تابعت قائلة : » اليوم تم إدراج 1146 شركة ناشئة كشركات مصنفة على الصعيد الوطني ، و هذا دليل على ديناميكية القطاع ». كما شددت ناجية غربي على الحاجة إلى تكثيف برامج الدعم الإقليمية لضمان تنمية أكثر شمولا وتوازنا.
من جانبها أكدت السيدة إنصاف فرادي ممثلة البنك الدولي، على الأهمية الاستراتيجية لهذا المشروع بالنسبة للاقتصاد التونسي. وأشارت إلى أن هذه المبادرة لا تقتصر على النمو الاقتصادي فحسب بل تساهم أيضا في تسهيل الوصول إلى التمويل للشركات الناشئة والشركات الصغرى والمتوسطة. وأكدت فرادي التزام البنك الدولي بدعم ريادة الأعمال النسائية والابتكار التكنولوجي وخلق فرص العمل المستدامة، كما دعت كل الجهات الفاعلة إلى الاستفادة الكاملة من الفرص التي يوفرها هذا المشروع الطموح.
ثم سلطت السيدة ناجية غربي الضوء على الدروس المستفادة من هذه الجولة الجهوية، و التحديات الرئيسية التي تم تحديدها .كما أشارت الى الحاجة لتعزيز الدعم للشركات الناشئة بشكل أساسي ولكن أيضا لفائدة الشركات الصغرى والمتوسطة المبتكرة.
وشددت غربي على أن الحصول على التمويل لا يزال يمثل عقبة رئيسية أمام هذا النوع من الشركات، وهذا ما يتطلب وضع آليات تتكيف مع خصوصياتها في كل مرحلة من مراحل نموها. كما شددت كذلك على أهمية تحسين هيكلة الشركات الناشئة، وتعزيز هياكل الدعم الجهوية، وتحسين ظهور الشركات الناشئة على المستويين الوطني والدولي.
وقد أتاح التقييم التفصيلي للجولة الجهوية ملاحظة ديناميكية ريادة الأعمال بشكل ملحوظ بمشاركة 247 جهة فاعلة، بما في ذلك 105 شركات ناشئة و شركات صغرى ومتوسطة و 37 هيكل دعم.
و بعد جولة في عدد من الولايات انطلقت من بنزرت إلى القيروان ثم صفاقس لتنتهي في ولاية قابس، سلطت هذه الجولة الضوء على العديد من التحديات الرئيسية للنظام الايكولوجي التونسي لريادة الأعمال مثل : الوصول إلى التمويل ، والاستعداد للاستثمار ، وهيكلة الشركات الناشئة ، وتعزيز هياكل الدعم الجهوي وتحسين ظهور الشركات الناشئة على المستويين الوطني والدولي.
وقد عرض السيد طارق تريكي الإنجازات الكبيرة والنتائج الملموسة التي تم تحقيقها من خلال مكونات البرنامج وهي Anava, InnovaTECH Flywheel. كما قدم طرقا استراتيجية ملموسة لزيادة تحسين العلاقة بين أصحاب رؤوس الأموال والشركات الناشئة، من أجل زيادة فرص النجاح ودعم التأثير المستدام لمثل هذه المبادرات.
وقد انقسم يوم اختتام الجولة الجهويةلمشروع الشركات الناشئة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة المبتكرة الى جلستين: حيث كانت الجلسة الأولى بعنوان « ماذا ينتظر أصحاب رؤوس الأموال من الشركات الناشئة للاستثمار ؟ » وقد جمعت أربعة ممثلين عن الصناديق الاستثمارية وهم: غازي بن عثمان (MEDIN Fund Management)، وأيمن مبارك (Go Big Partners)، وذكرى الخليفي (216 Capital) وأسماء بوزيدي (Flat6labs). حيث قدم كل طرف استراتيجيته الاستثمارية بالتفصيل موضحا المعايير الأساسية المطلوبة في الشركات الناشئة المرشحة ، مع معالجة تحديات التوريد بشكل مفتوح واقتراح حلول جديدة للاستجابة لها بفعالية.
وعقدت الجلسة الثانية التي حملت عنوان: « تجارب الشركات الناشئة الممولة – التحديات وقابلية التوسع »، و شارك في الجلسة كل من أماني منصوري (Dabchy tn)، وأسامة ليسيس (Pwn & Patch)، وقيس عسلي (JURIDOC)، ونصر الدين الرياحي (Cynoia). وقد شاركت الشركات الناشئة الحاضرة رحلاتها الريادية دون تحفظ، موضحة بالتفصيل كيف تمكنت من إقناع صناديق الاستثمار بفضل حلولها المبتكرة والقابلة للتطوير. كما سلط البعض الضوء بشكل خاص على الدعم الذي يقدمه برنامج Flywheel ، لا سيما من خلال مخطط AIR2 ، المصمم خصيصا لدعم الشركات الناشئة التي جمعت أموالا أولية وتهدف إلى النمو السريع. كما شاركت الشركات الناشئة الأخرى الحاضرة، سواء كانت مستفيدة من البرنامج أم لا، تجاربها والعقبات التي واجهتها في رحلة ريادة الأعمال.
واختتمت فعالية هذه التظاهرة بكلمة السيدة ناجية غربي المديرة العامة لصندوق الودائع والأمانات ، التي أكدت على أهمية الجاهزية الاستثمارية لضمان جمع الأموال اللازمة للشركات الناشئة، والوصول إلى السوق الذي يسمح بتطوير أنشطتها. وشددت على قيمة الابتكار المفتوح كاستراتيجية رئيسية لتعزيز حضور الشركات الناشئة التونسية، وتسهيل اندماجها في الأسواق الوطنية والدولية.
و عليه يظل مشروع « الشركات الناشئة والصغرى والمتوسطة المبتكرة » أكثر من أي وقت مضى لاعبا محوريا في النظام البيئي لريادة الأعمال في تونس، حيث يسعى إلى التزامه القوي بالدعم الاستراتيجي وخلق أوجه تآزر قوية بين الشركات الناشئة والمستثمرين والأسواق، مما يفتح آفاقا واعدة للاقتصاد التونسي ككل.
محمد خليل